الجري بوعي وأهمية برنامج للجري

الجري بوعي وأهمية برنامج للجري

الجري ليس مجرد حركة، بل رسالة، رحلة، وتحوّل ولكي تؤتي هذه الرحلة ثمارها، لا بدّ من خريطة طريق وهنا تأتي أهمية وجود برنامج مدروس للجري

كتبت في مقالة سابقة عن أهمية تعاملك مع الجري كاسلوب حياة والأفضل أن تقرأ هذه المقالة حتى تعرف كيف تتعامل مع الجري بالطريقة الصحيحة لأن الأهم قبل التعامل مع برنامج الجري هو أن تعرف كيف سيفيدك الجري وكيف تجعل الجري يفيدك ويحقق لك أعلى استفادة في حياتك وهذه تعرف بعملية ضبط العقلية، لأنني مؤمن أنا تطورك في عالم الجري الذي سينعكس على تطورك في عالم الحياة مرتبط بطريقة ضبط عقليتك

تختلف أنواع التدريبات الرياضية حسب المسافات في الجري، وتستطيع وضع برنامج للجري حسب المسافة التي تطمح في تحقيقها، ولن أكتب في هذه المقالة عن أفضل التدريبات وعن برنامج رياضي محدد لأنني أريد أن أصقل فكرة الجري بوعي وهو عنوان هذه المقالة وعنوان الجري بشكل عام والغاية منه بشكل خاص

طريقة تعاملك مع الجري لا يختلف عن طريقة تعاملك مع الحياة، اذا كنت منظم في حياتك وتحترم عملية تحقيق الانجازات في الحياة فأنك بالطبع ستعرف كيف تنضبط في عالم الجري وكيف تحقق أعلى استفادة، كل عداء وكل رياضي يريد أن يحقق انجاز بغض النظر عن طبيعة الانجاز ولكنه كل انجاز يجب أن يكون خطوة الى الأمام تضيف لحياة الشخص ومهما كان الانجاز بسيطا فهو لا يقاس بحجم الانجاز لأنني أعلم متدربيني ومتابعيني أن تغيير بسيط سواء كان في مضمار الحياة أو في مضمار الجري كفيل بأن يحدث مع الأيام طفرة أو فارق كبير تحول الانسان من شخص عادي الى شخص مبهر وناجح على الأقل يبدأ الشخص بأن ينظر لنفسه على أنه انسان قادر على النجاح وعلى تحقيق الانجاز فمع الوقت سيدرك الانسان أن النجاح الحقيقي هو أن تعطي لنفسك فرصة بأن تأخذ أحقيتها في الحياة 

برنامج للجري يعني انضباط ومتعة ولا يعني العشوائية

ان أكثر الأخطاء شيوعاً بين المبتدئين (وأحياناً حتى بين العدائين المتقدمين) هو الانطلاق العشوائي
يظن البعض أن الجري بشكل يومي أو أسبوعي كافٍ لتحسين الأداء أو فقدان الوزن أو حتى الشعور بالراحة النفسية، لكن الحقيقة مختلفة

الجري بدون برنامج أشبه بمن يسافر بلا بوصلة، وقد ينتهي بك المطاف إما بالإصابة، أو الملل، أو التوقف الكامل عن الرياضة

أين تكمن المشكلة؟

عدم التنوع: الجري بنفس الوتيرة والمسافة يومياً يحدّ من التقدم ويجعل الجسد معتاداً، فلا تحرق سعرات أكثر، ولا تزيد سرعتك

إجهاد أو إصابة: بدون فترات راحة أو تنظيم بين التمارين القوية والخفيفة، تزداد احتمالية التمزقات العضلية أو مشاكل المفاصل

غياب التحفيز: التكرار دون هدف أو تحديات جديدة يجعل الجري عادة مملة، لا شغفاً مستداماً

ما البديل؟

الجواب: برنامج جري متكامل

البرنامج الناجح: الجري كفنّ، لا كتمرين

برنامج الجري الناجح لا يعني فقط تقسيم الأسبوع إلى أيام سريعة وبطيئة.
بل يعني:

  • فهم جسدك.

  • احترام طاقتك.

  • تحديد هدف واضح (هل تسعى لإنقاص الوزن؟ تحسين القدرة الهوائية؟ الفوز في سباق؟).

  • والأهم: الاستمتاع بالرحلة.

عناصر البرنامج المثالي:

  1. تنوع التمارين:

    • يوم للتمرين السهل Easy run.

    • يوم للتمارين السرعية (Intervals أو Tempo).

    • يوم للركض الطويل Long run.

    • يوم راحة أو تمارين تقوية.

    • وهكذا تخلق دورة تدريبية متكاملة ومتجددة.

  2. التدرج:

    • لا تبدأ بـ 10 كيلومترات فجأة.

    • قاعدة "10%" الأسبوعية مهمة: لا تزد حجم التمرين بأكثر من 10% أسبوعياً.

  3. المرونة:

    • ليس الهدف أن تلتزم بشكل آلي بالجدول، بل أن يكون مرناً ليتناسب مع ظروفك وحالتك النفسية والجسدية.

  4. القياس والتقييم:

    • راقب تقدمك، سجّل التمارين، واحتفل بالإنجازات الصغيرة.


المتعة: البوصلة التي لا تخون

رغم أهمية الأهداف: خسارة الوزن، الركض 5 كيلومترات، أو الفوز في نصف ماراثون...
يبقى الهدف الأعظم الذي لا يجب أن يغيب لحظة واحدة:
أن تستمتع بالجري.

الجري ليس عقوبة، بل مكافأة.
ليس تحدياً للجسد فقط، بل جلسة تأمل للعقل، ووسيلة نقاء للروح.

كما يقول الحكماء:

"لا تكن رحلتك إلى القمة على حساب قلبك."

وها هنا يكمن سرّ البرنامج الناجح: أن يجعل من الجري لحظة فرح، لا واجباً ثقيلاً