alyaqten alyaqten

الاستمتاع في الحين حتى يحين

حين يكون الانتظار حياة

في كل إنسان جزء يترقّب شيئًا: فرجًا، حبًّا، لقاءً، أو معنى ضائعًا خلف الغياب. ننتظر أن يَحين الوقت، أن يُؤذن للحلم أن يتحقّق، أن تنطفئ الحيرة ويُشرق اليقين. لكن ما نغفل عنه أنّ الحياة لا تنتظر أحدًا، وأنّ بين “الحين” و”حين يحين” مساحة واسعة اسمها الآن
في تلك المساحة يكمن سرّ السعادة الذي يغفل عنه السالكون في طريق الطمأنينة. من لا يعرف كيف يستمتع بما بين يديه، لن يعرف كيف يحتفل حين ينال ما أراد. وهكذا يولد مفهوم الاستمتاع في الحين حتى يحين، دعوة إلى أن نحيا بكامل وعينا في اللحظة، دون استعجال القدر أو تقييد النفس بحسابات الغد

الحين: مرآة القلب

الوقت في التصوف ليس مرور الساعات، بل حضور القلب. من يعيش في الحين، يعيش في كنف الله، لأن الحين هو حيث يكون الله حاضرًا معنا
الاستمتاع بالحين يعني أن تذوب في تفاصيلك اليومية كأنك تؤدي صلاةً خفية: فنجان قهوة يصبح تسبيحًا، مشيٌ على الرمل يصبح ذكرًا، نظرة نحو البحر تصبح دعاءً لا يُنطق. ذلك هو فنّ الحضور الذي يصنعه صانع التحوّلات الرقيقة في ذاته قبل أن ينقله للآخرين

حتى يحين

“حتى يحين” ليست عبارة عن تأجيل، بل عن ثقة. من يستعجل النضج، لا يُثمر. ومن يشدّ الوردة لتتفتح، يقتلها
في رحلة السالكين، حتى يحين هي الفترة التي ينضج فيها القلب في الخفاء، دون أن يراه أحد. قد تطول، وقد تختصر، ولكنها دومًا تعمل لصالحك. حين يؤخر الله شيئًا عنك، فليس لأنه نسيك، بل لأنه يُهيئك له
فبين الحين و”حتى يحين” تُصنع الحكمة، ويتربّى الصبر، ويُهذّب الرجاء

الاستمتاع عبادة

كثيرون يظنون أن الاستمتاع رفاهية، لكنه في الطريق الروحي عبادة كبرى. أن تستمتع بما تملك لا يعني أنك غافل، بل يعني أنك شاكر
الاستمتاع بالحين هو ترجمة واقعية لقوله تعالى: فبأي آلاء ربكما تكذبان. أن تنظر إلى الحياة بعين الامتنان، فتجد البركة في أقلّ القليل، والجمال في أبسط الأشياء. تلك هي العبودية الصافية التي لا تتطلب سوى قلبٍ مستيقظ
الاستمتاع في الحين هو تمرين على الرضا، والرضا هو الطريق الأقرب إلى الله. فلا تظن أنك بحاجة إلى حدثٍ عظيم لتفرح، يكفي أن تُدرك أنك حيّ الآن، وأنّ هذا الآن هو معجزة كاملة

مدرسة القلب

الانتظار الطويل يُنبت في القلب تواضعًا. في البداية نقاومه، نريد أن نحصل على كل شيء سريعًا، ثم ندرك أن الله يربينا بالوقت. ليس تأخير الأقدار عقوبة، بل تربية على الفهم. كلّ تأجيل يخبّئ درسًا في التقبّل، وكلّ انتظار يُعلّمنا أن الحبّ لا يُقاس بالوصول بل بالصبر على المسافة
في مدونة اليقطين، هذه المدرسة تُعرف باسم فنّ التنفّس بين الخطوات — أن تتنفس لا لتصل، بل لتعيش الرحلة نفسها. الطريق الروحي لا يُختصر، لأنه طريق إلى الذات، والذات لا تُفتح إلا عندما يصفو الداخل ويُرفع الحجاب

بين الحين والحين

أحيانًا ننتظر حدثًا واحدًا ظنًّا أنه سيغيّر كل شيء، ونغفل عن مئات اللحظات التي كانت تنتظرنا نحن لنغيّرها. كم من إنسانٍ أهدر عمره في التطلّع إلى المستقبل حتى نسي أن يعيش الحاضر
من هنا يولد الخطر: أن يصبح الغد إدمانًا يسرقنا من الآن. الاستمتاع في الحين حتى يحين هو مقاومة ناعمة لهذا الإدمان. إنه فنّ أن تكون حاضرًا بلا توتر، وهادئًا بلا بلادة. هو أن تمارس الحلم دون أن تُعلّق حياتك به، أن تخطو نحو الغاية بخطوات مطمئنة، لأنك تعلم أن الزمن يعمل لصالحك

كيف نحيا الحين؟

ليس الأمر فلسفة مجردة، بل تجربة تُمارَس
ابدأ بالامتنان اليومي. اكتب كل صباح ثلاثة أشياء تشكر الله عليها. هذه البساطة تُعيدك إلى الحين وتحررك من التعلق بالآتي
اجعل من الروتين طقسًا مقدسًا. حين تشرب الماء، تذكّر أن فيه حياة. حين تمشي، تذكّر أن الحركة شفاء
قلّل من استعجالك للأحداث. دع الأشياء تأخذ مجراها الطبيعي، فلكل وردة موسم
استمع لصوت السكون. لا تخف من الصمت، ففي الصمت كلام لا يُقال إلا لمن أُذن له أن يسمع
بهذه الممارسات، يتحول الوقت من عدوٍّ يسرقنا إلى صديقٍ يُربّينا

موطن الطمأنينة

في كلّ مرة يضطرب فيها القلب، لا تبحث عن الحلّ خارجك. ارجع إلى “الحين”، إلى اللحظة التي أنت فيها. فالله لا يُعبد في الأمس ولا في الغد، بل في هذا الآن
الطمأنينة ليست في ما سيحدث، بل في ما يحدث الآن حين تنظر إليه بعين الرضا. من يعيش في الحين، يعيش في حضرة الله دون أن يعلم. ومن ينتظر حتى يحين، عليه أن يحفظ قلبه من السأم واليأس، فاليأس نسيانٌ للحكمة التي تعمل في الخفاء

حين يحين

كل ما كنت تطلبه سيتحقق في وقته دون عناء، لأنك حين تتصالح مع الحين، تتصالح مع الزمن كله. ستفاجأ أن الأبواب تُفتح بلا مفاتيح، وأنّ الناس، والأماكن، والفرص تأتيك كما لو كانت تعرف الطريق إليك
حين يحين الحين، لن تكون كما كنت، لأنك صرت مستعدًا لتلقّي النعمة. ليس المعنى أن تجلس بلا فعل، بل أن تعمل بلا خوف، وتنتظر بلا قلق. فمن زرع بالحبّ، حصد حين يحين

عش الآن

يا من تبحث عن الفجر القادم، تذكّر أن الفجر لا يولد بصوت، بل بصمتٍ يشقّ الليل برفق. كذلك الأقدار، تأتيك بهدوءٍ حين تُصبح جاهزًا لاحتوائها.
عش في الحين، استمتع به، واغمس قلبك في تفاصيله الصغيرة، وكلّما همّ بك الحنين إلى ما سيأتي، قل لنفسك: سأستمتع الآن حتى يحين
فالسعادة ليست في الوصول، بل في الوعي بأننا في الطريق
وهذه كما يقول اليقطين، صانع التحولات الرقيقة: أجمل معجزة يعيشها الإنسان أن يستمتع بانتظاره كأنه وصل

Read More
alyaqten alyaqten

اليقطين بين الحقيقة واليقين

اليقطين

في مسيرته نحو النور، لا يبحث “اليقطين” عن مجدٍ أو شهرةٍ، بل عن رضا الله وحده
هو السائر على طريقٍ يملؤه الدعاء والتسبيح، يُدرك أن الله وحده هو الحق، وأن القرب منه هو الغاية التي لا تعلوها غاية
فكل خطوةٍ يخطوها، وكل نَفَسٍ يتنفسه، إنما يبتغي به وجه الله، تصديقًا لقوله تعالى
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين [الحجر: 99]

الحقيقة التي تُمهّد لليقين

الحقيقة أن تعلم أن الله هو الخالق، المدبّر، الرازق، لا شريك له
واليقين أن يستقر هذا العلم في قلبك حتى لا يضطرب مهما تبدّلت الأحوال
فـ“اليقطين” لا يطلب معرفةً فلسفية، بل طُمأنينةً إيمانية؛
يعبد الله كما أمره، لا طمعًا في الجنة فحسب، ولا خوفًا من النار فحسب، بل حبًا لله الذي خلقه ورزقه وهَداه

حين أنبت الله على يونس عليه السلام شجرة من يقطين بعد خروجه من بطن الحوت، كان ذلك آيةً على رحمته ولطفه
فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ [الصافات: 145-146]
كذلك يُنبت الله رحمته على عباده الصابرين، فيظلّهم بعنايته إذا لجأوا إليه مخلصين

عبادة الخاشعين

قال أبو يزيد البسطامي: لو أن العارفين لم يُؤمروا بالعبادة، لعبدوه حياءً منه
أي أن من عرف فضل الله عليه استحيا أن يعصيه
فاليقطين يعبد ربّه حبًّا وشكرًا، لا تكلّفًا ولا عادة، لأن العبادة في جوهرها صلةٌ بين العبد وربّه
هو يرى في كل صلاةٍ تجديدًا للعهد، وفي كل سجدةٍ عودةً إلى الأصل الذي خُلق منه: عبوديةٌ خالصة لله تعالى

قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا [الشمس: 9-10]
من زكّى نفسه بالطاعة، أفلح باليقين، ومن دسّاها بالمعصية، خسر نور البصيرة

من الظنّ إلى الإيمان

أكثر ما يحجب القلب عن اليقين هو سوء الظنّ بالله
فالذي يظنّ أن الله لا يراه، أو أنه بعيدٌ عنه، يعيش في قلقٍ دائم
أما المؤمن الحق، فيحسن الظنّ بربّه في كل حال، مصداقًا لقوله تعالى
وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [الحديد: 4]
فمن أيقن بهذه المعية الإلهية، سكنت نفسه، وزال اضطرابه

اليقين إذن هو نور الإيمان حين يملأ القلب، فلا يخاف صاحبه مما كتب الله، ولا يحزن على ما فات، لأنه يعلم أن الله أرحم به من نفسه

سير القلوب إلى الله

كما وصف فريد الدين العطار رحلة الطيور نحو السيمرغ رمزيًا، فإنّ المؤمن يسير في رحلته نحو مرضاة الله وحده
كلّ محطةٍ في حياته هي امتحانٌ لصبره وصدقه، حتى يخلُص قلبه من التعلّق بغير الله
فاليقين لا يُنال بكثرة الكلام، بل بصدق العمل، وبالذكر الذي يطهّر القلب من الغفلة

وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت: 69]
فمن جاهد في طاعة الله، هداه الله إلى طريق الحقّ، ومن سعى إلى رضاه، وجد السكينة في قلبه

مقام اليقين

كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ [التكاثر: 5-7]
علم اليقين أن تُصدّق بما أخبر الله
وعين اليقين أن ترى آثار ذلك بعين قلبك
وحقّ اليقين أن تعيش وفقه بثباتٍ لا تزعزعه الفتن

فاليقطين لا يبحث عن رؤى أو مكاشفات، بل عن قلبٍ مطمئنٍّ بذكر الله
ذلك هو اليقين الذي وعد الله به المؤمنين: سكون القلب في العواصف، وثبات القدم في الطريق

حتى يأتيك اليقين

تأمل في قوله تعالى
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ
الآية تأمر بالعبادة المستمرة، لأن اليقين لا يُنال فجأة، بل يُؤتى من الله جزاءً للمجاهدين في الطاعة
فكل ركعةٍ إخلاص، وكل دعاءٍ رجاء، وكل دمعةٍ سبيل إلى نورٍ جديد

ومن لزم العبادة حتى يأتيه اليقين، لم يكن يقينه في نفسه، بل في وعد الله الحقّ الذي لا يخلف الميعاد

الصبر سبيل اليقين

وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة: 24]
فمن صبر على البلاء، ورضي بقضاء الله، منحه الله نور اليقين
اليقطين يتعلّم أن الصبر ليس سكوتًا على الألم، بل إيمانًا بأن الفرج بيد الله وحده، وأن كل شدةٍ هي بابٌ إلى لطفٍ خفيّ

الموت واليقين

فسّر بعض العلماء “اليقين” في الآية بأنه الموت، لأنه الحقيقة التي لا شك فيها
لكن العبد المؤمن يعلم أن الموت ليس انقطاعًا، بل انتقالٌ إلى وعد الله
فالذي عبد ربّه مخلصًا حتى أتاه اليقين، نال خير الدارين
طمأنينة في الدنيا، ورضوانًا في الآخرة

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً [الفجر: 27-28]
تلك غاية اليقطين: أن يعود إلى ربه راضيًا، وقد عبد الله حتى امتلأ قلبه يقينًا

ثمار اليقين في الحياة

اليقين لا يُغيّر الواقع، بل يُغيّر نظرتك إليه
حين يُصبح القلب مؤمنًا بالله حقًّا، يرى في كل ابتلاءٍ حكمة، وفي كل تأخيرٍ لطفًا
فما عاد الخوف يملك عليه أمره، لأن من وثق بالله، لم يخف من المستقبل، ومن رضي بالله، لم يندم على الماضي

الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]
فالطمأنينة ثمرة اليقين، واليقين ثمرة العبادة، والعبادة طريقٌ إلى محبة الله

اليقطين بين الحقيقة واليقين ليس عنوانًا فحسب، بل حالةٌ يعيشها كل مؤمنٍ يطلب وجه الله بصدق
فالحقيقة أن الله هو الواحد الحقّ، واليقين أن القلب يطمئن إلى هذا الحقّ فلا يلتفت إلى سواه
هو السالك الذي لا يرى في الكون إلا صنعة الخالق، ولا في البلاء إلا حكمة اللطيف، ولا في العبادة إلا نعمة القرب

فإذا قيل له: متى تصل؟
قال: ما دمت أعبد الله، فقد وصلت

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ
أي حتى تلقى الله بقلبٍ مملوءٍ إيمانًا، مخلَصًا من الشكّ، ثابتًا على التوحيد

وحتى تضع رجلك على أول خطوات الطريق أنصحك بقراءة مقالتي خطوات العاشق في طريق الحب التي تعتبر من المقالات التي ساعدت الكثير ومهدت لهم الطريق للسير في طريق الحب

Read More
alyaqten alyaqten

سَكَرَاتُ الطريق

كيف يعيش السالك حلاوة المقام في طريق الحب الإلهي؟

في كل رحلة إنسانية نحو التزكية والسلوك إلى الله، هناك مرحلة فارقة تتداخل فيها الأحاسيس، وتهتز فيها النفس، وتضطرب فيها الخطوات: مرحلة تسمى في أدبيات السائرين سكرات الطريق
هي ليست سكرات موت، بل سكرات حياة. ليست إغماء بُعد، بل صحوة قرب. وليست انهيارات ضعف، بل ولادة قوة. إنها لحظة مواجهة بين صورتين: صورة الإنسان كما اعتاد أن يكون، وصورته كما يريد الله له أن يكون. ومن بين تلك التجاذبات يولد العاشق الحقيقي الذي يسير إلى الله بقلب متخفف من كل شيء إلا رغبة الصدق

هذا المقال ليس مجرد حديث عن فكرة روحانية، بل هو دليل عملي ووجداني للإنسان الذي قرر بصدق أن يغادر مساحة التكرار والغفلة إلى سعة البصيرة والحضور، وأن يجرّب لذة المقامات لا من خلال الكتب، بل من نبض التجربة الحيّة

معنى سكرات الطريق

سكرات الطريق هي حالة ارتباك روحي يمرّ بها السالك عندما يبدأ قلبه في الانتقال من الاعتياد إلى التغيير. حين تُكشف له حقائق جديدة عن الحياة وعن نفسه وعن الله، يشعر وكأن العالم الذي عرفه بدأ ينهار، لكن هذا الانهيار ليس خراباً، بل إعادة بناء
إنها انقباضات النفس قبل الولادة الروحية
اهتزازات الوعي قبل تثبيت القدمين
حيرة البدايات التي تسبق يقين النهايات

في هذه المرحلة يتذوّق السالك مرارة التخلي عن الأهواء، وصعوبة جمع الهمة، وثقل مجاهدة النفس. ولكنه، في الوقت ذاته، يختبر غيثاً من السكينة، يزور قلبه بين وقت وآخر ليخبره أن الطريق ليس عبثاً.
هي حالة تتداخل فيها أنوار المكاشفات مع ظلمات الاختبار، لتؤكد للإنسان أن هذا الدرب حقيقي، وأنه يستحق التعب

لماذا تحدث هذه السكرات؟

عندما يقرّر الإنسان أن يحب الله حباً حقيقياً، فإنه يبدأ بنزع كل ما كان يحجبه عن هذا الحب. والنزع مؤلم بطبيعته
فالنفس التي اعتادت الاتكاء على العالم، تقاوم حين يُطلب منها الاتكاء على رب العالمين
والقلب الذي استسلم للمخاوف طويلاً، يصعب عليه أن يتجرّع جرعة ثقة كاملة
لذلك تأتي السكرات لتجلي العين الباطنية، حتى يرى السالك من أين بدأ وإلى أين يجب أن يصل

الحب الإلهي ليس ترفاً، وليس خطاباً عاطفياً، بل هو صناعة رجل جديد داخلك؛ رجل ينهض في وجه هواه، ويُنصت لنداء ربه
وسكرات الطريق دليل أنك لم تعد كما كنت، وأنك تجاوزت مرحلة الكلام إلى مرحلة التحول

السالك بين عالمين

في سكرات الطريق، يعيش السالك توتراً بين عالمين، كمن يضع قدماً في الأرض وأخرى في السماء.
عالم يشده إلى الأسفل: عادات، رغبات، أشخاص، ماضٍ يهيمن على الذاكرة
وعالم يدعوه إلى الأعلى: آفاق رحبة، طمأنينة عميقة، نور يتسلل من الغيب، وموعد لقاء مكتوب منذ الأزل

بين هذين القطبين يتأرجح القلب، فتارة يطمئن، وتارة يضطرب. وهذه الحركة الطبيعية توسّع وعاء الروح ليستقبل الأسرار.

سكرات الطريق تربي المحبة

أعظم أسباب هذه السكرات أنها تعيد تعريف الحب داخل الإنسان
هل أحب الله لأنه أعطى؟
أم لأنّه جميل يستحق أن يُحب؟
هل أقترب إليه رجاء لثواب؟
أم لأن القرب ذاته هو الثواب؟

هذا الفحص العميق يميّز بين سالك يعبد العطايا وسالك يعبد المعطي
المحبة الحقة تقوم على التجرد: أن ترى الله قبل أن ترى نفسك
وكل سكرة في الطريق هي درس جديد في التجرد، حتى إذا وصل السالك إلى الحلاوة أدرك أن كل ألم كان جزءاً من صناعة ذوقه الروحي

مشقة البداية وسهولة النهاية

كل سلوك يبدأ بمجاهدة، ويدوم بمذاق
فالبدايات مرهقة لأن النفس تُنتزع من مكانها القديم
والنهايات مريحة لأنها تجد مقامها عند الله
من جرّب عرف، ومن عرف اغترف، ومن اغترف شعر أن الطريق كله نعمة

والسكر هنا ليس فقدان عقل، بل امتلاء بالوعي النقي
تصبح الطاعة شوقاً لا واجباً، والذكر أنساً لا عادة، والسير نحو الله رحلة حب لا رحلة تكليف

كيف يتعامل السالك مع سكرات الطريق؟

أول ما يجب إدراكه هو أن هذه السكرات جزء أصيل من الطريق وليست عقبة خارجه
أنها لا تدوم، بل تمهّد لمرحلة أصفى وأعمق

أولاً: الصبر على تقلبات النفس
الصبر هنا ليس انسحاباً، بل ثبات نية. أن تبقى واقفاً في الطريق حتى لو تعثرت مراراً. فالسقوط لا ينقض العهد، بل يختبر الإصرار

ثانياً: المحافظة على الذكر
الذكر نهر يجري في داخل القلب، بدونه يتعطش الإنسان وتذبل روحه
حتى لو كانت النفس متعبة، يبقى الذكر جسر عبور إلى الطمأنينة

ثالثاً: تصحيح النية
النية تضمن أن السير ليس بحثاً عن صورة أو مكانة، بل عن الله وحده. النية بوابة النور

رابعاً: التخفف من الضوضاء
فوضى العلاقات والمشتتات تزيد من سكرات الطريق وتحوّل الروح إلى ساحة صراع
الانضباط الاجتماعي يحفظ القلب من التشوش

خامساً: طلب العلم الصحيح
لا يكفي الحماس وحده. فالعلم نور يرشد الخطى، ويمنع السالك من السقوط في الوهم أو التطرف

الحيرة هدية لا عقوبة

من أكبر الأخطاء أن يظن السالك أن حيرته دليل فشله
الحيرة باب المعرفة. ومن لم يحتَر لم يتقدّم
الطمأنينة في البداية علامة نوم القلب، أما القلق فهو اليقظة الأولى
وحين يحتمل السالك ضباب الطريق دون أن يتراجع، فإنه يثبت أنه يسير لله لا لحالٍ معين

الذي يثبت في الظلام، يبصر نوراً لا يُرى تحت وهج النهار

عندما تستقر الروح في المقام الجديد

بعد طول مقاومة وتذبذب، تتبدّل العلاقة بين السالك والطريق
ما كان ألماً يصير أنساً
وما كان مجاهدة يصير لذة
وما كان قلقاً يصير طمأنينة
يبدأ الإنسان بتذوق حلاوة الإيمان لا كمعنى نظري، بل كواقع ينعش القلب
يقرأ القرآن وكأنه يسمعه لأول مرة
يصلي وكأن كل ركعة تضعه خطوة أقرب
يعرف أن الله قريب حقاً. ويبدأ يعيش هذا القرب

هذه هي الحلاوة التي وعد الله بها الصادقين

الرابط العميق بين سكرات الطريق وحلاوة المقام

ليس الطريق مجرد وسيلة للوصول، بل هو جزء من الحقيقة المقصودة
فلو وصل السالك دون مجاهدة، لما عرف قيمة الوصول
ولو تذوق الحلاوة بلا مرارة، لما أدرك نعمتها
مرارة الطريق هي التي تعطي الحلاوة معناها

سكرات الطريق ليست عائقاً عن الحب، بل هي ما يجعل الحب صادقاً
هي تصفية تزيل شوائب الرغبات غير الخالصة
تهدم ما بُني على وهم
وتُقيم ما يستحق البقاء

من تجاوز السكرات ظفر بالمقامات
ومن صبر على البداية، وجد النهاية أجمل مما تخيّل

خاتمة الطريق

يا من تسلك سبيل الله بصدق
لا تحزن على اضطرابك
ولا تخشَ دموعك
ولا تلتفت إلى ما سقط منك في الطريق
فكل ما يتساقط هو ما كان يمنعك أن تسمو
وكل ما يتأخر هو ما يحتاج وقتاً لينضج
وكل ما يحترق هو ما يجب أن يتحول إلى نور

سكرات الطريق ليست علامة ضعف
بل علامة حياة
وشهادة أنك تُصنع لا أنك تُعاقَب
وأن الله يسقيك من كؤوس التهذيب
حتى تتهيأ لاستقبال خمر المحبة الحلال
التي لا صداع فيها ولا استنزاف
بل شفاء وطمأنينة وعزة بالله

فإذا صبرت
رأيت ما يجعل القلب يسجد قبل الجسد
وحين تصل
تعلم أن كل خطوة متعبة
كانت في الحقيقة
هدية إلهية نحو حلاوة اللقاء

Read More
alyaqten alyaqten

خطوات العاشق في طريق الحب

الخطوة الأولى: النداء الإلهي
يبدأ طريق الحب بنداءٍ لا يسمعه إلا القلب الذي أرهقته كثرة الوجوه، وبات يطلب وجهًا واحدًا لا يزول. نداءٌ يشبه النسمة التي تمرّ على صدرٍ حائرٍ فتوقظه من غفلته، فيعلم أنه لم يُخلق ليجمع الأشياء، بل ليحب الله حبًّا يطهّره من التعلّق بكل ما سواه. الحب في أصله عبادة، ومن أحبّ الله صدقًا، أحبّ خلقه رحمةً لا رغبة، وامتلأ بنور الرضا

الخطوة الثانية: الحنين إلى الأصل
في أول الطريق، يشعر العاشق أن شيئًا في داخله يناديه، صوتًا خفيًّا يذكّره بأن له ربًّا خلقه لأجل المحبة، وأنّ كل ما في الدنيا لا يُشبع القلب إلا إذا امتلأ بحبّ الله. ذلك النداء هو بذرة الإيمان حين تسقيها الدموع الصادقة، فتورق وتثمر طمأنينة. فالعاشق الحقيقي لا يبحث عن مخلوقٍ يُكمله، بل عن خالقه الذي يُكمّل به كل شيء

الخطوة الثالثة: التخلّي
لا يمكن لقلبٍ مثقلٍ بحبّ الدنيا أن يسير في طريق الله. على العاشق أن يترك وراءه زوائد النفس، وأن يطهّر قلبه من حبّ الظهور، ومن الأنانية والغرور. قال أبو يزيد البسطامي: “ما وصلتُ إلى الله حتى تركتُ كلّ شيءٍ سواه.” فالعشق الإلهي لا يجتمع مع التعلّق بغير الله. من أراد النور، وجب أن يترك ما يحجبه عنه

الخطوة الرابعة: الصبر على نار الامتحان
طريق العشق ليس مفروشًا بالورود، بل يُمتحن فيه الصادقون. العاشق يُبتلى ليعرف صدقه، ويُختبر ليزداد قربًا. قال أحد العارفين: “من أحبّ الله، صبر على قضائه.” فكل ألمٍ يصيب العاشق في طريق الله، إنما هو نارٌ تصهر الشوائب ليبقى المعدن خالصًا. العاشق لا يشكو البلاء، بل يرى فيه تربيةً إلهية تُعيد تشكيله على قدر محبته.

الخطوة الخامسة: السُكر بالذكر
الذكر حياة القلوب، ووقود العشق. فمن أكثر من ذكر الله، فتح الله له أبواب القرب. حين يذكر العبد ربَّه بصدق، يملأ النور صدره، وتلين قساوة قلبه. الذاكر لا يكرّر ألفاظًا، بل يكرّر شوقًا. فكل تسبيحةٍ تصعد إلى السماء، تعود سلامًا في القلب. وفي لحظات الذكر، يشعر العاشق أن العالم كله يسكت ليسمعه، لأن في الذكر طمأنينةً لا تشبه شيئًا

الخطوة السادسة: المحبة في الخلق
كل من أحبّ الله حقًّا، أحبّ الناس، لأنهم عباده. لا يحمل في قلبه حقدًا، ولا يردّ السيئة بمثلها. يرى في كل مخلوقٍ أثرًا من رحمة الله، فيحسن إليه، ويعذره، ويعفو عنه. هكذا يتحوّل الحب إلى سلوكٍ يضيء الطريق: أن تحبّ دون غرض، وأن تعطي دون انتظار، وأن تدعو بالخير لمن آذاك. فهذا هو امتحان العاشقين الحقيقيين

الخطوة السابعة: الرضا بالقدر
حين يمتلئ القلب بحبّ الله، يرضى عن قضائه كلّه. الرضا لا يعني أن كل ما يحدث جميل، بل أن تدرك أن وراء كل شيءٍ حكمة. قال سهل التستري: “علامة الرضا أن لا تسخط على شيءٍ قضاه الله.” العاشق في هذا المقام يسكن قلبه السلام، لا يجزع، ولا يعترض، لأنه يعلم أن المحبوب لا يختار لعبده إلا ما فيه خيره، ولو خالف هواه

الخطوة الثامنة: الصفاء والفناء عن النفس
الفناء هنا ليس فناء الوجود، بل فناء الأنانية. أن يغيب عن قلبك حظّك، لتبقى إرادة الله وحدها. أن تعمل لا لتُرى، بل ليُرضى عنك. حين يتطهّر القلب من الأنا، يسكنه الله بالمحبّة، فيصبح العبد مرآةً تعكس الخير أينما حلّ. فمن صفا قلبه، رأى بنور الله، لا بعينه

الخطوة التاسعة: الرجوع إلى الناس برحمة
العاشق لا يعتزل الناس، بل يعود إليهم بعد الصفاء ليكون رحمةً وهدايةً. يعيش بينهم بقلبٍ متصلٍ بالله، وعينٍ تنظر بالرحمة، ولسانٍ لا يقول إلا خيرًا. قال أحد الصالحين: “أحبّ الخلق من كان نفعه للخلق.” فمن ذاق حلاوة القرب، عاد إلى الدنيا لا ليُنافس، بل ليُداوي. هو الساعي بين الناس لا بشعارٍ ولا دعوى، بل بابتسامةٍ وسكينةٍ تُطمئن القلوب

الخطوة العاشرة: المحبة الخالصة
في نهاية الطريق، تتنقّى المحبة من كل غرضٍ دنيوي. لا يطلب العاشق من الله إلا الله. لا يرجو ثوابًا ولا يخاف عقابًا، بل يحب لأنه لا يستطيع إلا أن يحب. حينذاك، يصبح الحبّ عبادة، والعبادة حبًّا. ويفهم القلب أن كل ما مرّ به من ألمٍ وشوقٍ وبُعدٍ، كان إعدادًا لرؤية النور بعين الرضا

الخطوة الحادية عشرة: السكون في القلب
في ختام الطريق، ينزل السكون في القلب كما ينزل المطر على أرضٍ عطشى. لا خوف، لا قلق، لا لهفة. إنه مقام الطمأنينة الذي وعد الله به المؤمنين الصادقين. قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. في هذا السكون، يعرف العاشق أن الحب ليس طريقًا يُسار فيه، بل مقامًا يُسكن إليه. يعيش مطمئنًّا بين الناس، لأن الله في قلبه، والقلب في سلامٍ دائم

يا من تسير في طريق الحب، اعلم أن الخطوات ليست خارجة عنك، بل فيك. كل ألمٍ تمرّ به، هو درسٌ في الحب. وكل عثرةٍ تقع فيها، هي دعوةٌ إلى النهوض من جديد. العاشق الحقّ هو من جعل الله وجهته، ومحبتَه رايته، وذكرَه سكينته. فإن صدقتَ، أوصلك الله إليه، وإن أحببتَه، أحبّك الله حبًّا يملأ حياتك نورًا وطمأنينة

Read More
alyaqten alyaqten

حين يورقُ القلب حبًّا

صانع التحولات الرقيقة

حين يورق القلب حبًّا، يخرج من طور الصمت ويحنّ إلى الهمس: همسٌ لا يُقال بالكلام، بل يُقرأ في دقات الفؤاد، يُلهمُ العيون نور العشق والمعرفة. إنه ذلك الموقف المقدّس الذي يجمع بين الحاجة إلى اللقاء والقبول بالكتمان، بين السرّ وبين الإشراق. في هذه اللحظة، يصير القلب كغصنٍ يابِسٍ يأبى أن يظلّ بلا زهرة، فينبثق فيه الحبُّ خجولًا أول الأمر، ثم يفيض دفئًا وبهاءً في صمتٍ ووضوح.

إنه نداءٌ خفيّ يسمعه القلب قبل الأذن، وتستجيب له الروح قبل أن تدركه العقول. الحب في جوهره إشراقة لا تُطلب، لكنه حين يأتي، يعيد ترتيب الكون في داخلنا، ويجعلنا نرى الأشياء بذاتٍ أخرى، كأننا نُولَد من جديد في كل نظرة، في كل لمسة، في كل ذكرى تمرّ بسلام

اليقطين: رمز العتمة والنضج الفجائي

في أرضٍ مبللة بالانتظار، ينمو “اليقطين” في خفاء، خلف أوراقٍ عريضةٍ وصمتٍ كثيف، لا يُظهر ثماره حتى يكتمل نضجه. كذلك هو القلب، يختبئ طويلاً في قشر الخوف، ثم فجأة، حين يأتي موسم الحبّ، يورق دفعةً واحدة. ليس كل ازدهارٍ يحتاج إلى صخب، فبعض الوريقات لا تُزهر إلا في السكون، وبعض الثمار لا تنضج إلا حين تتعرض لحرارةٍ من الداخل

هكذا أراد الله للحبّ أن يكون: لا ضوءه ساطعٌ دائمًا، ولا غيابه ظلام. بل مزيجٌ من دفءٍ وصبرٍ وندى. تمامًا كما يختبئ اليقطين تحت أوراقه حتى تُقدّر له لحظة الظهور

صانع التحوّلات الرقيقة

صانع التحولات الرقيقة هو ذاك الذي لا يقتحم القلوب، بل يطرقها بلُطف. هو النسيم الذي يعلّم القلب كيف يتفتح دون أن يتكسر، وكيف يلين دون أن يفقد شكله. إنه اللمسة التي تُعيد التوازن إلى الروح حين تتأرجح بين الحنين والوجع

في تراث المتصوفة، يُقال: “القلوب أوعية، وأفضلها أصفاها، وأصفاها ألينها، وألينها أقربها إلى المحبة.” فالمحبّ الصادق لا يصنع فيك تحولاً عنيفًا، بل يقودك برقة إلى مقامٍ أعلى. تلك الرقة ليست ضعفًا، بل قُدرة على تحويل الألم إلى وعي، والجراح إلى حدائق

وصانع التحولات الرقيقة في عالم اليوم قد يكون مدرب حياة، أو مرشدًا روحيًا، أو حتى صديقًا مرَّ بتجربتك، فصار يعرف طريق النور. يذكّرك أن الطريق إلى الله لا يُقطع بالقفز، بل بخطواتٍ خفيفةٍ على أرض الحبّ

الحب في التصوف: بين البهرجة والفناء

يقول شمس التبريزي

“ليس الحب أن تنظر إلى الجمال، بل أن ترى الجمال في كل ما تنظر إليه”

الحبّ عند الصوفي ليس بهرجةَ الكلام ولا فورةَ العيون. هو سكونٌ يعرف طريقه إلى الحق. هو لحظة غياب عن “الأنا”، وبقاء في “النور”. ولذلك فإن الصوفي حين يحب، لا يرفع راياته، ولا يعلن حُبَّه على الملأ؛ لأنه يرى أن الحب نورٌ لا يُعرَّى أمام العيون العابرة، بل يُستحفظ في السرائر

الحبّ في حقيقته ليس حالةً عاطفية فقط، بل هو مقام من مقامات السالكين. فمن أحبّ بحق، زهد في الكِبر، وصار قلبه وطنًا لكل جميل، ومأوى لكل حيٍّ ينبض. إنه بهرجة الحب بمعناها النوراني، لا الصاخب. البهرجة التي لا تلمع من الخارج، بل تضيء من الداخل، حتى إذا اقتربت منها، شعرت أنّك أمام بهاءٍ لا يُرى، ولكن يُحَسّ في أعماقك

مدرب الحياة ومدرب السعادة: حين يتجدد الوعي

في عصرٍ تتسارع فيه الهموم وتتشابك الأرواح، يظهر دور مدرب الحياة، ذاك الذي لا يوزّع الوصفات، بل يوقظ فيك بذرة التوازن. هو الذي يقول لك: “اهدأ، فالقلب لا ينضج بالعجلة.” يذكّرك أن النجاح لا يعني شيئًا إن لم يكن محاطًا بالسكينة، وأن السعادة ليست غاية بل أثرٌ جانبي للحبّ الصادق

أما مدرب السعادة، فهو الذي يعلّمك أن السعادة لا تُصنع في الخارج، بل تُستنبت في داخلك كما يُستنبت اليقطين في الأرض. يُريك أن لكل قلبٍ فصله الخاص في النمو، وأن المقارنة مع الآخرين تسرق منّا نكهة الحياة

كلاهما، مدرب الحياة ومدرب السعادة، لا يمنحك حبًّا جاهزًا، بل يريك كيف تُورق أنت حبّك الخاص. وهنا تبدأ أولى التحولات الرقيقة

ريشة الطاووس الأخيرة

كل عاشقٍ حقيقي يصل في مرحلةٍ ما إلى لحظة التجلي: لحظة يرى فيها نفسه وقد تحوّل بالكامل، كأن ريشة الطاووس الأخيرة قد اكتملت. تلك الريشة التي تُمثّل الجمال الناضج بعد التجارب، والبهاء الذي لا يحتاج إلى تبرير

إنها لحظة الصفاء بعد كل اضطراب، اللحظة التي تعرف فيها أنك لم تعد تبحث عن الحب، لأنك أصبحت أنتَ الحب نفسه. ريشة الطاووس الأخيرة ليست غايةً تُنال، بل رمزٌ للسلام الداخلي، حين يكتمل الفن في روحك، فتغدو مخلوقًا يرى الجمال في كل شيء، حتى في الألم

كيف يورق القلب حبًّا؟

إليك — أيها السالك في طريق الحب — سبع إشاراتٍ تُعينك على أن يُورق قلبك دون أن تتيبس روحك

ابدأ بالنية: اجعل نيتك في الحب نقية، لا لغرضٍ ولا لهوى. الحبّ طاعةٌ قبل أن يكون رغبة

اذكر بحب: اجعل لسانك يلهج بالذكر، فكل ذكرٍ حبّ، وكل غفلةٍ بعد عن النور

تأمل الوجود: انظر في الوردة، في البحر، في عيني طفل، وسترى الله يبتسم لك من خلالها

اصبر على المسافة: فالمحبّ يُبتلى بالغياب ليزداد حضورًا

لا تفرّ من الألم: إن الألم بابٌ من أبواب النضج، فلا تخف منه، بل اجلس عند عتبته حتى يصفو

احفظ السرّ: فالحبّ إذا كُشف للجميع، ذبل

اعطِ بلا حساب: الحب لا يُقاس بالعائد، بل بما تزرع

كلمات المتصوفة في الحب

قالت رابعة العدوية

“إني أحبك حبّين: حبّ الهوى، وحبًّا لأنك أهلٌ لذاك”

وقال ابن الفارض

“زدني بفرطِ الحبّ فيك تحيُّرًا، وارحم حشى بلظى هواك تسعّرًا”

وقال ابن عربي

“أدين بدين الحبّ أنّى توجهت ركائبه، فالحبّ ديني وإيماني”

كل قولٍ من هذه الأقوال يفتح بابًا إلى عالمٍ داخلي لا يُحدّ، عالمٍ يرى في الحب طريقًا للمعرفة، وسُلّمًا نحو السلام

حين يورق القلب حبًّا، تتبدّل نظرتك إلى الحياة. ترى في الوجع رسالة، وفي الخسارة درسًا، وفي الصبر جمالًا. تدرك أن الحب ليس وعدًا بالراحة، بل وعدٌ بالنضج، وأنك إن أحببت بحق، فستخرج من نفسك شخصًا جديدًا، أكثر رحمة، أكثر اتزانًا، أكثر صدقًا مع الله والناس

عندها، لا يعود القلب يبحث عمّن يملؤه، بل عمّن يشاركه هذا النور. فالحب الذي يورق فيك، إن صدقت نيتك، سيجعل من قلبك أرضًا خضراء لا تعرف الذبول. وستكتشف في النهاية أن الحبّ لم يكن شيئًا تأخذه من أحد، بل سرًّا وُضع فيك منذ الأزل، ينتظر فقط أن تُنصت إليه

Read More
alyaqten alyaqten

لايف كوتش اليقطين: صانع التحوّلات الرقيقة ودليلٌ إلى حياة أخفّ وأعمق

ولادة فلسفة اليقطين

في عالمٍ يتسارع كأنه سباقٌ لا ينتهي، يظهر اليقطين – صانع التحوّلات الرقيقة كنافذةٍ تُطلّ على حياةٍ أكثر هدوءًا وعمقًا. هو ليس مجرّد مدرّب حياة (Life Coach)، بل حارس لبهجةٍ دفينة في أعماقنا، يقودنا إلى أن نعيش بخفّة الطائر، بصفاء الماء، وببهجة طفل يركض نحو الأفق
فلسفة اليقطين تتكوّن من مزيجٍ فريد من الجري كأسلوب حياة، التأمّل في الطبيعة، جلسات اليوغا، وشرب القهوة كطقسٍ للتبطؤ والامتنان، إضافةً إلى مفاهيم عميقة مثل التخلّي قبل التحلّي و ريشة الطاووس كرمز للتحوّل الداخلي

ريشة الطاووس: بوّابة لاكتشاف الذات

ترمز ريشة الطاووس في منهج اليقطين إلى لحظة استيقاظ القلب، حين نكفّ عن الانشغال بمظهر الريش ونصغي إلى المعنى العميق للجمال
يقول اليقطين: كلّ ريشة تسقط من الطاووس هي تذكير بأن ما يُرى بالعين فانٍ، وما يُزرع في القلب هو الأبقى.”
من هنا تبدأ رحلة التخلّص من الأنا: الأنا التي تتعلّق بالمظاهر، بالمقارنات، وبالرغبة في إثبات الذات

خطوات عملية من تجربة اليقطين

الوعي بالأنا: أن تتعرّف إلى صوتها الذي يطالبك دائمًا بالمزيد

التحرّر بالتأمل: بضع دقائق يوميًا تُنصت فيها لأنفاسك وتترك الأحكام جانبًا

الكتابة: تفريغ الأفكار على الورق لتصبح أقلّ سطوة على الروح

التخلّي قبل التحلّي

من أعمدة فلسفة اليقطين أن التخلّي يسبق كل تحوّلٍ حقيقي. يقول: كما لا يزهر البستان ما لم يُقتلع العشب الضار، كذلك لا يثمر القلب ما لم يتخلَّ عن تعلّقاته
التخلّي ليس خسارة، بل مساحة نفتحها لاستقبال ما هو أرقى

التخلّي عن التعلّق بما لا نستطيع السيطرة عليه

التخلّي عن العلاقات التي تُثقل القلب ولا تمنحه النمو

التخلّي عن الصور القديمة عن أنفسنا لنصبح أحرارًا

عدم التعلّق: فنّ العيش بخفّة

يعلّمنا لايف كوتش اليقطين أن العيش بلا تعلّقٍ مفرط هو سرّ الحرية الداخلية
الحرية لا تعني أن نتخلّى عن الحب أو الطموح، بل أن نحياهما دون خوف الفقد
يقول: التعلّق يُحوّل الحبّ إلى عبء، بينما القبول يحوّله إلى نسيم

الجري كإسلوب حياة

من قلب التجربة الشخصية لليقطين نشأ مفهوم العلاج بالجري (Running Therapy) فالجري عنده ليس رياضةً بدنية فحسب، بل طريقة لاستعادة التوازن النفسي

يحرّر العقل من الضغوط

يعلّم الصبر والثبات

يمنح الجسد حيوية والقلب شجاعة

الجري على الشاطئ عند الشروق، أو بين المسارات الخضراء، يصبح صلاة صامتة، ودعوة للحياة كي تنبض في العروق مجدّدًا

تأمّل الطبيعة: صفاء البحر وهمس الزهور

من يرافق اليقطين في رحلاته يدرك أن البحر كان صديقه الأوّل. على شاطئه تعلّم الإصغاء لصوت الأمواج كأنها حكمة تتردّد بلا كلمات
ينصح اليقطين كل من يبحث عن صفاء الذهن أن يخصّص وقتًا أسبوعيًّا لرحلة تأمّل في الطبيعة، ولو بجلوسٍ قصير تحت شجرة أو مراقبة غروب الشمس

لسات يوغا: مرونة الجسد وسكينة الروح

يُدخل اليقطين جلسات اليوغا كجزء من برنامجه للمتدرّبين، حيث يرى أن المرونة الجسدية تعكس مرونةً في تقبّل تحديات الحياة
اليوغا هنا ليست مجرّد وضعيات، بل طقسٌ للسلام الداخلي، يُدمج مع التنفّس الواعي، لتتوحّد الجسد والروح في تناغمٍ عميق

طقس القهوة على طريقة اليقطين

لدى اليقطين فلسفة خاصة لشرب القهوة: أن تتحوّل الفنجان الصغير إلى لحظة تأمل وامتنان
يقول: “القهوة ليست منبّهًا للجسد بل مرآة للروح، إذا شربتها ببطءٍ مع الإصغاء لصوت قلبك.”
يوصي بجلسة صباحية أمام البحر أو عند نافذة تُطلّ على السماء، يرافقها دفتر صغير لكتابة ما يخطر من أفكار

أسلوب الحياة على طريقة صانع التحولات الرقيقة

حين نجمع الجري، التأمّل، اليوغا، جلسات القهوة، ورحلات الطبيعة معًا، نكتشف طريقة اليقطين في صناعة التحوّلات الرقيقة

لا وعود بمعجزات سريعة

لا وصفات سحرية

بل خطوات صغيرة، تُعيدنا إلى إنسانيتنا، خطوة تلو خطوة، حتى نجد السلام في بساطة الأشياء

لماذا تختار لايف كوتش اليقطين؟

لأنه مدرب حياة يؤمن أن العلاج يبدأ من الحبّ لا من الصراع

لأنه يقدّم أدوات عملية للتحرّر من الأنا والتعلّق

لأنه يمزج بين العلاج بالجري وفلسفة التأمّل لخلق توازنٍ شامل

لأنه يذكّرك دومًا أن السعادة تكمن في لحظة القهوة مثلما تكمن في الوصول إلى هدفٍ بعيد

رسالة اليقطين لكل قارئ

الحياة ليست سباقًا لتفوز، بل رقصٌ مع اللحظة. تحرّر، ركُضْ، أحبّ، وأصغِ إلى قلبك… فهناك يبدأ التحوّل

Read More
alyaqten alyaqten

ريشة الطاووس الأخيرة

رحلة من الأنا إلى صفاء الروح

الحكاية التي تهمس للروح

يُحكى أنّ الطاووس، في أوجِّ مجده، أدرك أنّ كلّ ريشة من أجنحته كانت تحمل شيئًا من غروره، وكلّ نظرة إلى ألوانه كانت تُثقِل قلبه بالتفاخر. وفي لحظة صدقٍ مع نفسه، جلس يتأمّل الريشة الأخيرة التي بقيت بعد أن تناثر عنه الزهو، وقال لها: لعلّك أنتِ بوابتي إلى الحرية
هكذا بدأت ريشة الطاووس الأخيرة تتحوّل من مجرّد زينة إلى رمزٍ لتحرر الإنسان من قيد الأنانية، وعتبةٍ يعبر من خلالها القلب نحو الصفاء

إنَّ اللهَ لا يُحبُّ المُستَكبِرين – [القرآن الكريم، النحل:23]

هذه المقالة ليست عن الطاووس وحده، بل عن كلّ واحدٍ منّا حين نقرر أن نُسقط عن أكتافنا عباءة الكِبر، ونترك وراءنا كل ما أثقل الروح

حين تُرهقنا الألوان

نولد في هذا العالم كصفحة بيضاء، ثم نبدأ في جمع ألوان الآخرين: رضاهم، نظراتهم، تصفيقهم. شيئًا فشيئًا نصبح كطاووسٍ يُفتَتن بريشه حتى ينسى جناحيه

الغطرسة ليست في الكلمات الكبيرة وحدها، بل في لحظةٍ خفيّة حين نظنّ أنّنا أفضل من غيرنا. لهذا يقول الحقّ سبحانه

"ولا تمشِ في الأرضِ مَرَحًا إنَّكَ لَن تخرِقَ الأرضَ ولَن تبلُغَ الجبالَ طولًا – [الإسراء:37]

هذه الآية تُذكّرنا بأنّ الألوان التي نحملها على أكتافنا لا تصنع قامةً أطول، ولا تمنح روحنا وزنًا أثقل

صوت الحكمة: أقوال خالدة عن التواضع

لمّا سُئِل أبو يزيد البسطامي عن الطريق إلى الله قال

طرَقتُ كلَّ بابٍ، فوجدتُهُ مُغلقًا، إلّا بابَ التواضُع

وفي لحظة أخرى همس جلال الدين الرومي

كُن كالنهرِ في السَّخاءِ، وكالأرضِ في التواضُع، وكالشمسِ في الرحمة

هذه الكلمات ليست وعظًا بل مفاتيحُ تُخبرنا أنّ الأنا سياجٌ يحجب عنّا اتساع السماء

رحلة الريشة الأخيرة: إسقاط الأقنعة

الريشة الأخيرة رمزٌ لتلك النقطة التي نصل فيها إلى مفترق الطرق: إمّا أن نتمسّك بمظاهرنا أو نختار أن نكون أحرارًا

التحرّر يبدأ عندما نقول لأنفسنا
لستُ بحاجةٍ إلى أن أكون الأجمل، ولا أن أُرضي الجميع. يكفيني أن أكون صادقًا مع قلبي

حينها يبدأ القيد بالتفكّك، ويصبح التواضع صديقًا للقوّة، لا علامة ضعف

بين العلو والانكسار

من المفارقات العجيبة أنّ الإنسان يعلو حين ينكسر كبرياؤه. فحين ننحني لله تُرفَع أرواحنا فوق الجبال

وَعِبادُ الرَّحمنِ الّذينَ يَمشونَ على الأرضِ هَونًا – [الفرقان:63]

هذه الهُوْنة ليست ضعفًا، بل هي جمالُ القلب حين يدرك أنّ الأرض كلّها مسرحٌ للرحمة لا للصراع

التخلّي كفنّ للحرية

لكي نصل إلى صفاء الروح، علينا أن نتعلّم فنّ التخلّي: التخلّي عن صورةٍ نرسمها لأنفسنا في أعين الناس، عن حاجةٍ إلى أن نُثبت أنّنا الأفضل

قال الرومي

حين تخلّيتُ عن كوني أنا، صِرتُ كلَّ شيء

التحرّر الحقيقي هو حين لا نعود بحاجةٍ إلى إطراء أحد، وحين نرى في كلّ إنسانٍ مرآةً لما يُمكن أن نكون عليه من طيبة

خطوات عملية لخلع ريش الأنا

للقراء الذين يسعون للتحوّل، إليكم مسارًا بسيطًا

  • الاعتراف بالأنا: لا تحاربها، بل انظر إليها كما تنظر إلى طفلٍ يحتاج إلى النضج

  • الصمت اليومي: خصّص عشر دقائق لتجلس بلا هاتف أو موسيقى، تستمع لأنفاسك فقط

  • العطاء السرّي: افعل خيرًا لا يعلم به أحد، فهذا يُضعف حاجة الأنا للتفاخر

  • شكر النِّعم: اكتب كل صباح ثلاث نعم صغيرة تشعر بالامتنان لها

  • التأمل في الزوال: تذكّر أنّ كل ريشة جمالٍ أو مجدٍ ستذبل يومًا، لكن ما في القلب يبقى

حين تذبل الريشة الأخيرة

ليس في ذبول الريشة موت، بل ميلاد جديد. عندما يرحل التفاخر يشرق فينا السلام الداخلي

يقول الحسن البصري

ما ازدادَ عبدٌ تواضعًا للهِ إلّا رفعَهُ الله

إنها سنّة الحياة: من تواضع رفعه الله، ومن تكبّر سقط تحت ثقل غروره

رسالة إلى قلبك

يا قارئي العزيز، قد لا تكون طاووسًا بألوانٍ باذخة، لكن كلّنا نحمل ريشًا خفيًّا من رغبة الظهور. حين تدرك أنّك لست تلك الريشات، بل الروح التي تحرّكها، تبدأ الحكاية الأجمل

مَن تواضَعَ للهِ رفعَهُ الله، ومن تكبَّرَ وضَعَهُ الله – حديث نبوي شريف

دع هذه الكلمات تكون دليلك لعبور الجسر نحو سلامٍ داخليّ لا تهزّه الأحكام ولا تُثقله نظرات الآخرين

ولادة بلا زهو

إنّ ريشة الطاووس الأخيرة ليست عن فقدان الجمال، بل عن ولادةِ جمالٍ أصدق
هي دعوة لأن نخلع عنّا ما يثقّل أرواحنا، وأن نلتقي بأنفسنا الحقيقية بلا أقنعة

حين تتعلّم الروح أن ترقص خفيفةً بلا ريشٍ ولا تيجان، تكتشف أنّ ألوان الفجر أجمل من كلّ زينة، وأنّ الله أقرب إلى قلبٍ متواضع من كلّ مظاهر الرفعة

Read More
alyaqten alyaqten

اليقطين: ركضتُ قبلك لأمهد لك الطريق

حيث يبدأ الطريق نحو حياةٍ أعمق

في عالم اليقطين، لا يُقاس الجري بعدد الكيلومترات بل بعدد التحوّلات التي يمرّ بها قلبك وروحك. ركضتُ قبلك لأمهد لك الطريق كي ترى أنّ الحياة ليست ساحة صراع، بل حديقة من الإمكانيات تنتظر أن تكتشفها. هنا لا نبحث عن الكمال، بل عن القدرة على أن نعيش بوعي، ونستيقظ كل صباح ونحن نعرف أنّنا نستطيع أن نصبح أفضل ممّا كنّا عليه بالأمس

لماذا تحتاج إلى "اليقطين" كمدرّب حياة؟

كثيرون يمشون في الطريق، لكن قلّة يملكون البوصلة التي تُرشدهم إلى الوجهة الصحيحة
دوري كـ مدرّب حياة ليس أن أُخبرك بما تفعل، بل أن أساعدك على أن ترى الطريق الذي لا يراه الآخرون. أنا لست مجرّد مُحفّز، بل صانع للتحوّلات الرقيقة التي تغيّر طريقة نظرك للعالم ولذاتك. في كل جلسة، أستخدم خبرتي كعدّاء عاش التجربة ليُثبت أنّ

الطموح هو الشرارة الأولى، والرغبة في التغيير هي الوقود

الجسد والعقل وجهان لعملة واحدة، وحين تعتني بجسدك عبر الجري والتنفس الواعي، تُطلق العنان لعقلك وروحك

الهدوء الداخلي هو أساس القوة، وأنت قادر على صناعته بنفسك

الركض كفلسفة حياة: حين يصبح الطريق معلّمك

في فلسفة اليقطين، كل خطوة تركضها على الأرض هي أيضًا خطوة داخل نفسك
عندما يلتقي الجري بالتأمل، يحدث التحوّل

تنفّس أعمق – فكر أوضح: تعلّم كيف توجّه أنفاسك لتُحرر ذهنك من الضوضاء

تقبّل الألم – لتخلق المعنى: الألم في الركض ليس عدوك، بل معلّمك الذي يُريك قدرتك على الصمود

عِش اللحظة – تكتشف الحاضر: كل لحظة وعي هي خطوة نحو الحرية من الماضي والقلق من المستقبل

منظور مختلف للحياة: من الركض إلى الرؤية

كثيرون يرون العقبات جدرانًا، أما في عالم اليقطين فهي سلالم للصعود
الطريق ليس أن تصبح شخصًا آخر، بل أن تُزيل الغبار عن حقيقتك. أنا أعلّمك أن ترى الحياة بمنظور مختلف

لا تبحث عن السعادة خارجك، هي تُولد من حوارك الداخلي

لا تنتظر اللحظة المثالية لتبدأ، اللحظة المثالية هي الآن

لا تُطارد التقدير من الآخرين، تعلّم أن ترى قيمتك بعينيك أولًا

رحلة التحوّل مع اليقطين: خطوات عملية

الركض إلى الداخل

نبدأ بتمارين الجري التي تُعيدك إلى جسدك، تُساعدك على تفريغ التوتر وبناء صبرٍ جديد

تنفّس الحياة

تقنيات التنفّس العميق التي تُنظّم المشاعر وتفتح لك بوابة الصفاء الذهني

إعادة رسم الخريطة الذهنية

تغيير أنماط التفكير المحدودة إلى أفكارٍ مُحرّرة ومُلهمة

اليقظة في التفاصيل

تعلّم فن عيش اللحظة، فتكتشف أنّ اللحظات الصغيرة هي التي تبني حياة عظيمة

الجسد كمعلم

الجري، التمدّد، والمشي الواعي يصبحون أدوات لاكتشاف الذات

السر ليس أن تكون خارقًا، بل أن تكون مستعدًا للاستمرار رغم الصعوبات
الفرق بين من يصل ومن يتوقف في منتصف الطريق هو الرغبة في أن يُصبح أفضل، لا أكثر

الطموح يفتح الباب

الانضباط يضمن العبور

الحب لما تفعل يمنحك القوة لتكمل

كلمات اليقطين للقلب الباحث عن المعنى

"لا تُحارب نفسك لتتغير، بل أحبّ نفسك حتى تُزهر"
"الجري ليس هروبًا من الحياة، بل طريقٌ إلى قلبها"
"كل نفسٍ واعٍ تتنفسه، هو خطوة نحو الحرية"

الطريق الذي ينتظرك

في نهاية كل رحلة تدريبية مع اليقطين، ستدرك أنّك لم تكن تحتاج إلى معجزات، بل إلى بوصلةٍ تُرشدك نحو ذاتك الحقيقية
الطريق ليس سهلًا دائمًا، لكنه دائمًا يستحق أن يُسلك
كل شيءٍ هنا يبدأ بخطوة، وأنا هنا لأركض بجانبك حتى تصل

Read More
alyaqten alyaqten

مركب من فراغ

يظنّ كثيرون أنّ الفراغ فراغٌ حقًا: مساحة باردة، لا جدوى منها، وكأنّها هوّة تسحبنا نحو العدم. لكن الحقيقة أنّ الفراغ رحمٌ خفيّ يولد فيه الجديد. في سكونه يصفو البصر، وفي صمته تسمع نبض قلبك لأول مرة بلا ضوضاء. كل فكرة عظيمة، كل مشروع، كل قصة حبّ أو توبة أو ولادة… بدأ من لحظة فراغ؛ حين لم يكن هناك شيءٌ سوى الرغبة بأن يكون هناك شيء

إنّ اللحظة التي تقول فيها: "لا أملك شيئًا" هي ذاتها اللحظة التي تمتدّ أمامك مساحةٌ لا حدود لها لتصنع منها كل شيء. الفراغ هو تلك اللحظة بعد خسارة موجعة، أو بعد نهاية علاقة، أو بعد استقالة أو مرض… يبدو كأنّك بلا وجهة، بلا عنوان. لكنه في حقيقته فسحة غير مرئية يتيحها الله لك كي تُعيد ترتيب أمتعتك، كي تتخفف من حملٍ ثقيل، كي تراجع نفسك بعيدًا عن الضوضاء. النجوم تحتاج عتمة السماء لتلمع، والبذرة تحتاج ظلام التربة لتشقّ طريقها نحو الضوء، وكذلك نحن نحتاج فراغًا لنبدأ

لن تحتاج إلى خشب وحديد لتصنع مركبك، بل إلى عناصر غير ملموسة: الإرادة، الشرارة الأولى التي تقول "سأمضي". الخيال، الأفق الذي يريك المركب قبل أن يوجد. الإيمان، الريح التي تدفع شراعك حين تهدأ المياه. والمرونة، الحبال التي تربط أجزاء المركب فلا تتفكّك عند أول موجة. كلّ هذه العناصر تولد في داخلك، لا في السوق ولا في الورش. هذا هو سرّ المركب المصنوع من فراغ

لا تنتظر اللحظة المثالية ولا المال الكافي، بل اصنع أول خطوة الآن. اكتب ما تريد أن تصل إليه. ضع قائمة بأبسط الخطوات، ولو كانت خطوةً صغيرة كأن ترتدي حذاء الجري، أو تفتح صفحة بيضاء في دفتر. كل خطوة صغيرة هي لوح خشب يُضاف إلى مركبك. السفن العظيمة لم تُبنَ في يوم، بل من ألواح متفرقة وقطع حبال جُمِعت بحبّ وصبر

قد تظن أنّ الطريق ما زال بعيدًا، لكنك في الحقيقة بدأت الرحلة بالفعل، فكل فكرة وكل خطوة صغيرة هي لوح خشب جديد في مركبك. وحين تمدّ يدك الآن، ستكتشف أنّ المركب كان في داخلك منذ البداية. لا تخف من البداية من الصفر؛ الصفر دائرة مكتملة، بابٌ نحو كل الأرقام

إذا شعرت أنّ حياتك فراغ… فابتسم: لقد حان وقت الإبحار

Read More